التّشويق في مدائح المتنبي "الرّأي قبل شجاعة الشّجعان" و"على قدر أهل العزم" أنموذجًا

الملخص

تتضحُ أهميةُ هذه الدّراسة في السّعي إلى اكتشاف ظاهرة التّشويق في قصائد المديح عند الشّاعر أبي الطّيب المتنبي، عبر دراسة إنموذجين من قصائد المديح التّي كتبها في سيف الدولة الحمداني، وهي: "الرّأي قبل شجاعة الشّجعان" و"على قدرِ أهل العزم"، وتناولها بمفهوم الحدث التّشويقي الّذي من شأنه أن يوضّحَ تقنيةَ الكتابة المتبعة في القصائد بربطها بعنصر جذب تقوم عليه، وهو التّشويقُ الّذي يبدو تشويقاً حدثياً للمستمع الّذي ينتظرُ بعد فعلِ القولِ اكتشافِ وقائعَ المعركةِ ونصرِ الممدوحِ.

وعليه؛ يُشرع هذا البحث الطّريق المعرفيّ على تحليل جدليّ جديد للقصيدة العربيّة، يُخرجها من القواعد القديمة حيناً، ويبقيها على ما تحمله من وفاء لمضامينها حيناً آخر، مع دراسة عنصر التّشويق الحدثيّ فيها. ولذا استدعتْ الدّراسةُ المنهجين السّرديّ والوصفيّ، لتحليل مديح فيه من التّشويق ما يجذب السّامع إلى قصائد شاعر جدليّ، لا يملهُ الباحثُ دراسةً وتعمقاً.

وتعدّدُ الدّراساتُ حولَ الشّاعر نفسه، لم تعنِ يومًا التّوقف عن تناوله، إنّما كانت مشروعًا متجدّداً خلف كلّ دراسة، يستنهضُ همم الباحثين للسيرِ قدماً نحو فضاءات جديدة وعناوين جديدة في شعره للبحث عنها، وهذا تماماً ما فعلناه في هذه الدّراسة الّتي تهتم بعنصر التّشويق الحدثي، وهو من عناصر المشهد في الفيلم السّينمائي، وربطه بالاستهلال الوصفي في القصيدة الكلاسيكيّة، والأحداث المتنوعة الّتي يوردها الشّاعرُ لغرضِ المديحِ، والتّشويقِ الوصفي للممدوح. وعليه، فإنّ ظاهرةَ التّشويق الّتي نُعنا في دراستها في بحثنا هذا هي ظاهرةٌ سرديّةٌ مشهديّة، وليست ظاهرةً لغويّةً، فكما تحملُ التّمثيليّةُ إلى الجمهور عنصرَ التّشويقِ، كذلك تحملُ القصيدةُ إلى المتلقي هذا العنصر إذا كانت أهدافها الإضاءةَ الواسعة على حدث وتخليده، فكيف سيصغي المتلقي إلى الحدث؟، ما لم يعمد الشّاعر إلى شدِّ انتباهه بتشويق سردي متعمد.